يعمل إيلون ماسك تدريجياً على جعل «تويتر» أكثر غموضاً بالنسبة للباحثين والأكاديميين الذين استخدموا بياناته على مدى سنوات طويلة لدراسة تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على المجتمع، وكذلك بالنسبة لأولئك الذين استخدموا قاعدة بياناته الخاصة بالتغريدات لإلقاء الضوء على جوانب من علم النفس البشري. يحدث هذا على الرغم من وعوده بتعزيز الوضوح والشفافية على المنصة.
قبل تولي «ماسك» مسؤولية الشركة، كان «تويتر» قد ساعد باحثين على الحصول على بيانات سمحت لهم بدراسة كيفية تدفق المعلومات حول الشبكة، وكيف تساهم وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل آراء الناس، وكيف يمكن استخدام هذه الأخيرة للتلاعب بالرأي العام. كما استخدم علماء السلوك والكمبيوتر بيانات «تويتر» لإظهار كيف تستطيع وسائل التواصل الاجتماعي التأثير على الأشياء التي نوليها انتباهنا، ودرسَ علماءُ النفس كيف يمكن تغيير الخوارزميات من أجل الترويج لمعلومات عالية الجودة. 
الكثير من هذه البحوث كانت تعتمد على أدوات تسمى «واجهات برمجة التطبيقات» (أو «إيه بي آي» اختصاراً)، والتي تساعد العلماء على جمع كميات كبيرة من البيانات المتعلقة بالرسائل والمواضيع التي تناقَش، ومن الذي يرسل أنواعاً معينة من التغريدات، ومن يستقبلها ويعيد إرسالها. ومما لا شك فيه أن هذا مفيد في فهم كيفية انتشار المعلومات المضللة على شبكة الإنترنت، لكن الباحثين استخدموا أيضاً هذه البيانات لدراسة كل شيء، من الاستقطاب السياسي إلى التأثير النفسي لعمليات الإغلاق أثناء جائحة كوفيد إلى المواقف العامة تجاه تغير المناخ. 
والآن، يقول باحثون من علم النفس إلى علوم الكمبيوتر إلى بحوث الشبكات إنهم باتوا معزولين وبعيدين عن البيانات. وأحدث خطوة قام بها ماسك، كما يقول باحثون، هي مطالبتهم بحذف البيانات التي حصلوا عليها أو الشروع في دفع 42 ألف دولار شهرياً له. 
غير أن «ماسك» قال إنه يؤمن بقوة الشفافية من أجل تعزيز الثقة. كما نشرَ خوارزمية «تويتر». وأفرجَ عن «ملفات تويتر»، وهي عبارة عن وثائق داخلية كان يفترض أن تكشف أن مدققي الحقائق في «تويتر» يسترشدون بالتحيز السياسي في ممارسة الرقابة على المعلومات المضللة. 
وعلى الرغم من أنني حاججتُ في مقالات سابقة بأن التحيز السياسي والرقابة كانا مشكلتين حقيقيتين خلال فترة الوباء – إذ كان مدققو الحقائق يسمون على نحو خاطئ كل أنواع الأشياء معلومات مضللة، من القضايا الأخلاقية إلى القضايا العلمية المفتوحة – إلا أن ما يخفيه «ماسك» الآن قد يكون أكثر أهمية مما ألقى عليه الضوء. والحال أننا نحتاج في الوقت الراهن إلى كل الشفافية التي يمكننا الحصول عليها. 
ويُعد هذا النوع من البحوث مهماً بشكل خاص الآن في وقت بدأ فيه الذكاء الاصطناعي يضخ نوعاً جديداً تماماً من التكتيكات الخداعية في نظام المعلومات. ونظراً لأن وسائل التواصل الاجتماعي تمارس تأثيراً كبيراً على وسائل التواصل التقليدية، فإن هذه المشاكل يتوقع أن تؤثر حتى على أولئك الذين يتحاشون «تويتر» و«فيسبوك». 
«ماسك» وعد، خلال الأيام التي سبقت توليه مسؤولية «تويتر»، بمكافحة تدفق الحسابات الآلية المعروفة بالروبوتات، غير أنه يعيق في الواقع الباحثين الذين اكتشفوا تأثير الروبوتات لأول مرة والأنظمة التي ابتكروها لتتبعها. وكان باحثون وصحافيون استخدموا أداة لتعقب الروبوتات تسمى«بوتوميتر»، بل إن «ماسك» نفسه أشار إليها قبل أن تصبح سياساته مصدر تهديد لوجودها. والواقع أن هذه الأخيرة ما زالت تعمل بقدرة محدودة، ولكنها يمكن أن توقف في أي وقت. 
أحد مؤسسي «بوتوميتر»، أستاذ علوم الكمبيوتر والمعلوماتية بجامعة إنديانا، فيليبو مينزر، قال إن التغيير في السياسات يؤثر في أدوات أخرى طوِّرت في «مرصد وسائل التواصل الاجتماعي». ويشمل ذلك «هوكسي»، الذي يُستخدم لتعقب انتشار المعلومات والمعلومات الخاطئة، و«توب فابيرز»، الذي يشير إلى أكثر الناشرين إنتاجاً لما يسميها معلومات منخفضة الجودة. 
وقال لي مينزر: «المفارقة أن ماسك قال إنه يريد شراء تويتر من أجل تقليل عدد الروبوتات وجعله منصة أفضل»، مضيفاً: «غير أن كل ما فعله يسير في الاتجاه المعاكس.. إذ بات هناك مزيد من الروبوتات، ومزيد من خطاب الكراهية، ومزيد من اللاعبين السيئين!».

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنسينج آند سيندكيشن»